بسم الله الرحمن الرحيم
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنَّ
أمثل ما تداويتم به الحجامة و القسط البحري " . رواه البخاري (5696) كتاب
الطب .
و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تعذبوا صبيانكم
بالغمز من الذرة ،و عليكم بالقسط " رواه البخاري (56966) كتاب الطب .
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :ط عليكم بهذا العود الهندي ن
فإنَّ فيه سبعة أشفية : يسعط به من العذرة ، ويلدُّ به من ذات الجنب"رواه
البخاري (5692) كتاب الطب .
( القسط
) بضم القاف و سكون السين ، هو :العود . فيصبح أن نقول : القسط البحري ، و يصح أن
نقول : العود البحري ،و يقال مثل هذا في الهندي . و القسط نوعان : النوع الأول هو
البحري ، أو الأبيض ،او الحلو ،و النوع الثاني : هو الهندي ،أو الأسود أو المر ،و
الهندي أشد حرارة من البحري ، وهذا العود يؤخذ من نبتة القسط التي يبلغ ارتفاعها
(1.5) م ، و لها أوراق , ساق ،و و جذور ، و هو يعيش في الهند ، القسم المستعمل منه
في العلاج هو قشور جذوره التي تكون بيضاء ، أو سوداء ، و سمي البحري ، لأن العرب
كانت تجلبه عن طريق البحر ، وأما تسميته بالحلو ، أو المر ، فذلك متعلق بطعمه.
قال الموفق البغدادي (وفي جمعه صلى الله عليه وسلم بين الحجامة
والقسط سر لطيف وهو أنه إذا طلي به شرط الحجامة لم يتخلف في الجلد أثر المشاريط
وهذا من غرائب الطب فإن هذه الآثار إذا نبتت في الجلد قد يتوهم من رآها أنها بهق
أو برق والطباع تنفر من هذه الآثار فحيث علم ذلك مع الحجامة ما يؤمن من ذلك، والقسط
قد جعله النبي صلى الله عليه وسلم أمثل ما يتداوى به لكثرة منافعه، ينفع الفالج
ويحرك الباه وهو ترياق لسم الأفاعي، واشتمامه على الزكام يذهبه، ودهنه ينفع وجع
الظهر).قال ابن حجر : ويحتمل أن تكون السبعة أصول التداوي بها لأنها إما طلاءٌ أو
شرابٌ أو تكميدٌ أو تقطيرٌ أو تبخيرٌ أو سعوطٌ أو لدود . فالطلاء يدخل ويجعل في
عسل أو ماء وغيرها . وكذا التقطير والسعوط يسحق في زيت ويقطر في الأنف والدهن
والتبخر واضح . وتحت كل واحدة من السبعة منافع لأدواء مختلفة ولا يستغرب ذلك ممن
أوتي جوامع الكلم .
وخلاصة ما كتبه شراح الحديث [6]أن نبات القسط الموصوف في السنة،
نبات يعيش في الهند وخاصة في كشمير وفي الصين وتستعمل قشور جذوره التي قد تكون
بيضاء أو سوداء، وكان التجار العرب يجلبونها إلى الجزيرة العربية عن طريق البحر
لذا سميت القسط البحري، كما كان يسمى بالقسط الهندي .
وقد يدعى الأبيض بالقسط البحري والأسود بالهندي كما ورد في السنة
باسم العود الهندي كمترادفات، إلا أنه من غير شك غير العود الهندي الذي يتخذ في
البخور وله نفس الاسم مع أنهما نباتان مختلفان .
وقال البخاري تحت باب السعوط بالقسط الهندي والبحري وهو الكست
(بالقاف والكاف) مثل كافور وقافور وكشت وقشطت.قال ابن القيم: القسط نوعان: أبيض
يقال له البحري وأسود هو الهندي وهو أشدهما حرارة والأبيض ألينهما ومنافعهما
كثيرة: ينشفان البلغم قاطعان للزكام، وإذا شربا نفعا من ضعف الكبد والمعدة وقطعاً
وجع الجنب ونفعاً من السموم وإذا طلي الوجه بمعجونه مع الماء والعسل قلع الكلف.
أما الدكتور أحمد الرشيدي (1) فقد ذكر أن للقسط Costus نحواً من 15 صنفاً وأن الأصلي منه هو القسط الجميل C.Speciosus ومأواه
الهند ، ومن أنواعه القسط العربي
C.Arabicus .
وذكر أن ابن سينا نقل عن ديسقوريدس
بأن القسط ثلاثة أنواع : صنف أبيض خفيف عطري هو القسط العربي أو البحري، وصنف أسود
خفيف غليظ قليل العطرية هو الهندي، وصنف ثالث ثقيل يشبه خشب البقس، رائحته ساطعة
هو القسط الشامي.
وينقل عن الدكتور ميره قوله أننا
إذا جرياً على كلام المؤلفين نسبنا الجذر الذي يسمى عندنا الآن بالقسط العربي
للقسط الجميل وهو أبيض فطري مائي عذب الطعم يقرب قليلاً لرائحة الزنجبيل، وهذا
يوافق أيضاً ما يسمى بالقسط الحلو C.Duleis.
مكانة القسط Costus في الطب
الحديث:
ذكرت مجلة التايم في صفحتها
العلمية (1999) أن القسط نبات ينمو بشكل عشوائي بدون زراعة في منطقة الهيمالايا
الحاوية على قمة أفرست الأعلى ارتفاعاً في العالم، ويعتبر القسط أهم ركائز الطب
التيبتي التقليدي، وقد كان الكهنة هناك لا يكشفون عن طبهم هذا إلا لأمثالهم ليبقى
سراً بينهم إلى أن جاء زعيمهم الأخير دالاي لاما فأسس كلية الطب التيبتي لتعليم أي
كان وذلك في منطقة Dharamsalaعلى
الحدود الهندية للتيبت ليحافظ على ذلك الطب من الإندثار .
وبدأ الكهنة في التيبت بحفظ ذلك
الطب على شكل خلطات مرقمة لشركة بادما Padma السويسرية
ومنها الخلطة رقم 28 لإذابة جلطة أوعية الساق وفيها خلاصات من نبات القسط، إذ ليس
في جعبة الطب الحديث دواء ناجع لها سوى الطلب إلى المريض عدم تحريك ساقه لأسابيع
حتى تذوب تلك السدادة ببطء وحتى لا تنطلق إلى الدورة الدموي فتحدث خثرة في مكان
آخر.
ويذكر معجم أسماء النبات (1) أن
القسط على شكلين :
قسط العود الهندي والقسط المر
البحري من عائلة الزنجبيليات .
وله أنواع كثيرة عدد منها كتاب
المرجع المفهرس لأصل السلالات النباتية :
القسط العربي :
ويستعمل في أوربا لأمراض الكبد.
والقسط المهدب :
المنتشر في فنزويلا لمعالجة مرض
الزهري ،والقسط الأسطواني في أمريكا الوسطى المستعمل أيضاً لمعالجة بعض الأمراض
التناسلية كما هو مطهر للدم . وقسط الزهاد في البارغوري من أجل الإخصاب، والقسط
الحريري في جزر كارولين في المحيط الهادي لمعالجة الدمامل والقشعريرات ، والقسط
النوعي في أوربا وجزر هاواي والهند وجاوة والملايو من أجل علاج الثعلبة والإمساك
الزمن والربو والتهاب القصبات وسرطان الفم والكوليرا والسعال والاستسقاء والزحار
والحميات والرمال والجذام والتهاب العين وعضة الأفعى وغيرها .
والقسط الشوكي في الدومينيكان
بأريكالدنسون طارد للريح ومدر للبول ولمعالجة الاحتقان والروماتيزم ..
والقسط اللولبي في البرازيل
للأورام .
وقد ذكر المرشد إلى المصادر
العالمية للنباتات النافعة [7]أن للقسط أنواعاً كثيرة،
وأكد على المنافع الطبية لثلاثة
أنواع :
القسط الجميل ( Costus Speciosus)
وهو المسمى أيضاً بالقسط العربي C.Arabicus وهو ينتشر تلقائياً في جنوب شرقي آسيا من جبال هيميالايا وحتى
سيلان وفي الهند الصينية والفلبيين وتايوان . ويزرع في الهند وأندونوسيا وتؤكل
سوقه الحاوية على 24% من تركيبها على النشاء . ويستعمل علاجياً في آفات الصدر والسعال
والربو .
القسط الأفريقي C
.Afrri
ويسميه الأنكليز Ginger lily
وهو منتشر في أفريقيا الاستوائية تستخدم جذوره لتحضير
عجينة لصنع الورق.أم طبياً فيستعمل مسحوق سوقه لمعالجة السعال. أما الصبغة المحضرة
من جذوره فتدخل في عداد تركيبة دوائية لمعالجة داء النوم .
وتطبق أوراقه المسلوقة موضعياً
لمعالجة الرثية ، أما الجذور المسلوقة فتفيد موضعياً لشفاء التقرحات الجلدية .
القسط الموبر C.Villiosissimus
ومن أسمائه C.Spetimus وينتشر
في كولومبيا وأمريكا الأستوائية وخاصة في البيرو وغويانا ويستعمل طبياً لعلاج
النزلات الشعبية وخاصة المعوية منها وفي حمى التتفوس .
وفي كتاب النباتات النافعة في غرب
أفريقيا أشار J.Daliziel فقط
إلى القسط الأفريقي وأكد فائدته كدواء للسعال حيث يؤخذ مغلي سوقه أو مدقوق ثمراته
أو تعلك سوقه طازجة وقد يستعمل مغلي جذوره لنفس الغرض . كما تطبق أوراقه المسلوقة
كمادة محمرة لمعالجة الآلام الرثوية . ويشير إلى ما يعتقد سكان سيراليون وساحل
الذهب وغيرهم حول القدسية لهذه المادة العلاجية عندهم .
ويذكر قاموس وبستر [8] Webster زيت القس
Costus Oil وأن هذا الزيت أصفر فاتح اللون يستخرج من
الجذور العطرية للقسط وهو عشب ينمو في كشمير (القريبة من التيبت )ويستعمل في حماية
الفراء وصناعة العطور .
ويقسم كتاب أزهار العالم
[9]القسطيات إلى 4 فروع و200 نوع وهي نباتات إستوائية وحيدة الفلقة تشابه عائلة
الزنجبيليات ولكن ينقص أوراقها الرائحة العطرية لتلك العائلة .
والقسط هو الفرع الأكبر من
القسطيات ويحوي مائة وخمسون نوعاً . أشهر أنواعه القسط الناري البرازيلي ذي
الأزهار الصفراء البرتقالية على جذوع ورقية، وهذه الأوراق مستطيلة ومستدفئة ومرتبة
بشكل لولبي، وتحتاج زراعتها لمناخ حار وتربة غنية وسقاية جيدة وحماية من التعرض المباشر
لأشعة الشمس والقسط العجيب موجود من شرق أفريقيا إلى غربها حيث يشكل أحزمة من
الورود ملتصقة بالتربة وبأوراق ثخينة تجلس في وسطها أزهار صفراء أو برتقالية لا
ساق لها .
وأهم أنواعها القسط العجيب وهو
نبات الأماكن الصخرية الرعوية المغطاة بالأشجار المتناثرة ويمتد انتشاره من
السنغال وعلى طول ساحل إفريقيا الغربي إلى شرق إفريقيا الأستوائية وأنغولا ويتألف
من حزام وردي بأربعة ـ 6 أوراق مستديرة وممتلة شيئاً ما.
غالباً ما تتلون بالأحمر
الأرجواني، حوافها مشعرة وممتدة باسترخاء على التربة . وتظهر الأزهار بدون ساق بلون
برتقالي ناصع من تاج الحزام الوردي وبزمن واحد مع الأوراق ثم يتبع ذلك ظهور الثمار
ذات المحفظة الغشائية ، إلا أن أحزمة الورد في القسط العجيب تختلف عن بقية الأنواع .
ويرى الدكتور ظافر العطار أن القسط
الجميل والقسط النوعي شيء واحد لأن الاسم اللاتيني لهما واحد .
وختاماً، وحيث لم نجد أبحاثاً حديثة تكشف أسرار هذه المادة
العلاجية النبوية التي دعانا إلى التداوي بها من لا ينطق عن الهوى وأنها من أمثل
الأدوية وتحدثنا عن جواهر فعالة مدروسة فيها فإننا نحث همم الباحثين من علمائنا
وأطبائنا لدراسة هذه النبتة ومعرفة خواصها الدوائية واستطباباتها السريرة في مختلف
الأمراض.